2008-12-22

شكـرا دمشق


كرّمت وزارة الثقافة السورية في المدة الأخيرة الشاعر العراقي عبد الرزّاق عبد الواحد اعترافا بعطائه الأدبي طوال ما يقرب من ستّة عقود.

وقد أحيا الشاعر أمسية شعرية في المنتدى الثقافي العراقي بدمشق قرأ خلالها العديد من قصائده التي تغنّى فيها بوطنه العراق، كما تغنّى الشاعر في أمسيته بدمشق وقرأ قصيدته "شكرا دمشق" ضمنها عرفانه لسوريا ومحبته لها بعد أن احتضنته والكثير من العراقيين، وقد ناهز السبعة والسبعين من عمره.

أترككم مع بعض المقاطع من هذه القصيدة الجميلة والمؤثرة للشاعر عبد الرزّاق عبد الواحد.


شكراً دمشق

سَبعٌ وسَبعون.. والأوجاعُ، والأرَقُ

إلى متى كاحتـراقِ الـعـُودِ تـَحتـَرِقُ؟!

وَتـَنطـَوي كـُومَ أضـلاعٍ مُهـَشـَّـمَةٍ

شاخَتْ ، وشاخَ عليها الحِبْرُ والوَرَقُ!

سـَبعـونَ عـاماً.. وهـذا أنتَ مَجمـَرَةٌ

تـَخبُـو، فـَيوقـِظُ مِن نـيرانِها القـَلـَقُ!

يا طارِقَ الهَمِّ.. هَل أحصَتْ مَواجـِعُـنا

كـَم مُوجَعـينَ على أبوابـِها طـَرَقـوا؟!

كم مُوحَشاً.. كم جَريحا.. كم رَضيعَ دَمٍ

سالـَتْ بـِهـِم نـَحوَنا الأبوابُ والطـُّرُقُ

سـَبعـينَ عاماً.. وَراحُوا سِرْبَ أجنِحَةٍ

كأنـَّهُـم قـَبْـلَ هـذا الـيـَومِ ما خـَفـَقـُوا!

سـَبعونَ عـاماً مَضَتْ عَجلى دَقائِقـُها

كـنـَّا عَـلـَيهـا انـزِلاقَ المـاءِ نـَنـزَلـِقُ

حِـيـنـاً يـُبـاعـِدُنا المَجـرى، وَآوِنـَةً

نـُحِسـُّهُ بـِشِغـافِ الـرُّوحِ يَـلـتـَصِـقُ

وَنحنُ نَجري ولا نَدري لِفـَرْطِ هَوَىً

أنَّ الـثــَّمانيـنَ قـَد لالا بـِهـا الأ ُفـُقُ!

أهـَكذا.. بينَ خَـفْـقـَيْ ظـُلـمَةٍ وَسَـنىً

تـَلوحُ طفلاً.. فـَشـَيخاً.. ثمَّ تـَنسَحِقُ

وَلستَ تـَدري مَتى، أو أينَ كنتَ فـَتىً


ولا الأُطـَفالُ كـُنـَّاهـُم مَتى نـَطـَقـُوا!


الرُّوحُ عـُودُ ثـُقـابٍ، عـُمرُهـا نـَفـَقٌ

فـَهـَل أضاءَ بـِمـا أشـعـَلـتـَهُ الـنـَّفـَقُ؟

أم سَوفَ تـَخرُجُ لا تـَدري على بَـلـَجٍ

أبـوابـُهُ، أم عـلى لـَيـلٍ سـَتـَنغـَلـِقُ!

شـُكراً دِمَشقُ.. وَهَبتِ العُمرَ أجمَعَهُ

حُسـنَ الخِتـامِ.. وهذا ثـَوبُهُ الخـَلـَقُ

زاهٍ كأنَّ شـموسَ الـكـَونِ أجمَعَـهـا

طارَتْ لـَهُ مِن دِمَشقَ الشـَّام تـَستـَبـِقُ!



ثمّ يقول في اخر القصيد:


يا أُختَ مروان ضَجَّ الهَولُ في وَطني

فـَكادَ حتى حِجـارُ الأرضِ يَمَّحِـقُ

لـَن أذكـُرَ الموتَ.. صارَ المَوتُ تـَسليَةً

أهـلي غـَدَوا عـُنـُقاً تـَلهو بـِها عـُنـُقُ!

وَلـَنْ أ ُشـيرَ إلى حَجْمِ الضَّياعِ بـِهِ

فـَما الذي ظـَلَّ حتى الآنَ ما سَرَقـُوا؟

لكنَّ تـَأريخَ أرضي الآنَ يـَمـسـَحـُهُ

مَن يـَمسـَحُون، وَثـانٍ عـَنهُ يُخـتـَلـَقُ!

هُم يَصنـَعـونَ عـِراقـاً لا عـِراقَ بـِهِ

ثـالوثـُهُ الـفـَقـْرُ، والإجـرامُ، والـعـَوَقُ

وَيـَصنـَعـونَ عـِراقاً لا ضَميـرَ لـَهُ

لا روحَ فـيـهِ، ولا قـَلـبٌ، ولا خـُلـُقُ

هُم يَصنـَعـُونَ عِراقـاً حَجْـمَ أنفـُسِهـِم

سيماؤهُ الجَهْـلُ، والحِرمانُ، والفـَرَقُ

أمسي الذي كانَ زَهـوَ الأرضِ أجمَعـِها

خَجلانَ إن سـَكـَتوا عَـنهُ، وإن نـَطـَقـُوا!

لا أصْـلَ، لا أرضَ، لا تاريخَ ظلَّ لهُ

هُم مَزَّقـُوا مِثلـَما شاءوا، وَهُم رَتـَقـُوا!

والغـَربُ يَنظرُ.. والصَّحراءُ غـافيـَةٌ

مَذهـُولـَةٌ.. سـالَ فيها النـّفطُ والشـَّبَقُ!

وَتـَشـحَـذُ الآنَ أمريـكا قـَريحـَتـَهـا

لـَعـَلَّ أمراً جـَديـداً عـنـهُ تـَنـفـَتـِقُ!

الى اخر القصيد.

هناك تعليقان (2):

Legend Of The Fall يقول...

"شكرا دمشق"....هذا يذكرني بما ردّده حسن نصر الله يوم 8 آذار/مارس 2005 عندما توجه إلى سوريا شاركرا إياها. و إلى الآن لا أعرف على ماذا شكرها؟ على حكمها للبنان و مصادرتها لأراضيه و استقلاله و سلطته و سيادته طيلة 30 عاما؟ أم على تلاعبها بأمنه و استقراره حتى بعد خروجها منه؟ على كل...آسف لم أشأ أن أحول ما كتبته من ثقافي إلى سياسي و لكن "شكرا دمشق" هي التي استوقفتني...باي

taha يقول...

وضعت هذه القصيدة لجماليتها عندما تحدث عن الزمن سَبعٌ وسَبعون... وعن العراق المدمر...
قراتها من هذه الزاوية ولم اقصد ما ذهبت اليه واختيار المقاطع خير دليل على ذلك.
شكرا على مرورك ومرحبا بك واحترم رايك...الراي والرّاي الاخر...هههههها